التوجيه المدرسي

تمهيد:
أصبح التوجيه المدرسي من أهم دعائم المدرسة الحديثة في المجتمعات المتحضرة لكونه من الخدمات النفسية والتربوية والمهنية فردية كانت أو جماعية هدفها الحفاظ على كيان الفرد والمجتمع, فهو حين يتجه إلى الفرد سيكون لديه الحفاظ على الذات وفهم شخصيته وتوافقه في الوسط المدرسي والمهني في حين يتجه إلى الجماعة بتقديم المعلومات التربوية لتلاميذ على الدراسات المتوفرة كما يساعد على اكتشاف قدراتهم وميولهم المهنية.
ونظرا لتطور الذى يعيشه العالم فإنه أصبح أكثر حاجة من ذي قبل إلى تربية فعالة, وحسب قول دوركايم "فإننا نعيش ونعمل ونتفاعل في عصر التحولات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والتقنية فلم يعد من الممكن أن يظل المجتمع على فطرته الأولى التى تقتصر على التوصل إلى شروط تضمن للإنسان البقاء وتبعده على الاندثار فقد أصبحت الشعوب في حاجة إلى تربية تمكنها من مسايرة التطور ومن المساهمة فيه وتدعيمه" ( يوسف مصطفى القاضي واخرون, 1981, 68 )
1-مفهوم التوجيه المدرسي :
أ/ لغويا :
التوجيه معناه: توجه إليه بمعنى أقبل وقصد واتجه, وبمعنى آخر: أقبل بوجهه .
ب/ اصطلاحا:
التوجيه : يقصد به إسداد النصيحة والإرشاد الناجح في مختلف الميادين المهنية والمدرسية والعيادية, كما انه يساعد الفرد على فهم مشاكله وتحقيق قدر كبير من التوافق بداخله .
إذا فما مفهوم التوجيه المدرسي ؟
- مصطلح فرنسي : DRIENTATION SCOLAIRE
- مصطلح انجليزي : EDICATION GUIDANCE
لقد عولج التوجيه المدرسي من طرف الكثير من العلماء, وبهذا كثرت المفاهيم وتغيرت, وفي هذا الصدد يقول مصطفى القاضي " مازلنا نسمع تغيرات مثل لا يقوم بالتوجيه إلا المتخصصون به ( التوجيه هو التربية ) ( التوجيه هو التدريس ) المدرس هو أقدم من يقوم بالتوجيه ( يوسف مصطفى القاضي وآخرون, 1881, 68 ) .
ومن خلال هذا القول يمكننا استنتاج أن التوجيه المدرسي هو نشاط تربوي ولهذا نجده مصطلح قريب من مصطلح التوجيه التربوي .
ومنه يعرف التوجيه بأنه مجموعة من الخدمات المقدمة للتلميذ لمساعدته على تفهم مشكلاته, ومحاولة حلها بأساليب ناجحة, وتساعده على تنمية قدراته واستغلال مواهبه في مجالات يرغب فيها, بهدف توافقه النفسي وتكيفه الاجتماعي " (فهيم ابراهيم الحبيب, 1996, 37 ).
وفي تعريف آخر : التوجيه ينصب على مجهودات مدرسية لتوجيه طلابها للأخذ بما يعود عليها بالنفع والاستفادة من الفرص العلمية وأوجه المعرفة المتاحة لهم بالإضافة إلى ما يقوم به من الأدوار في حياتهم المقبلة وفق رغباتهم وإمكانياتهم واستعداداتهم (يوسف مصطفى القاضي وآخرون, 1881, 47 ).
يرى أحمد زكي بدوي أن التوجيه المدرسي هو: العملية التي تهتم بالمساعدة التي تقدم للتلاميذ والطلبة في اختيار نوع الدراسة الملائمة لهم, والالتحاق بها, والتكيف لها, والتغلب على الصعوبات التي تعترضهم في دراستهم وفي الحياة بوجه عام ( أحمد زكي بدوي,1978, 188 ) .
ويعرف كذلك التوجيه المدرسي على أنه «تخطيط وتنسيق بين مختلف مراحل التعليم وهو أيضا محاولة لإيجاد تنسيق بين قدرات ورغبات التلاميذ واحتياجات المجتمع ».
كما ترى صالحة سنقر أن عملية التوجيه تستهدف أساسا زيادة كفاية الفرد وترقية أدائه في جميع المجالات, وأن مهمة التوجيه تنصب على جميع العوامل والظروف والأبعاد التي تؤثر في تعليم الأفراد.
في حين تعرفه بروير BREWER على أنه مجهود تربوي يبذل في سبيل نمو الفرد من الناحية العقلية, وان كان ما يرتبط بالتدريس أو التفاهم يمكن أن يوضح تحت التوجيه التربوي.
ويرى هوبيك HOPPECK أن التوجيه الجماعي والفردي متكاملان في العملية التوجيهية, ويذهب كل من Kous و Kefauve إلى أن التوجيه يتضمن عدة وظائف أساسية هي :
1- إيصال المعلومات المتعلقة بالدراسة إلى التلاميذ.
2- جمع البيانات والمعلومات الخاصة بالتلاميذ.
3- توجيه التلاميذ.
ويعرفه أيضا ميول واولس أنه عملية تفاعل بين طرفين أحداهما الموجِه والآخر الموجَه, وتهدف إلى تحقيق التعارف على استفسار طبيعة الموقف بقصد إظهار نواحيه وتعريف الموجه بما لديه من قدرات واستعدادات, وبما يتوفر في البيئة من إمكانيات وفرص وكيفية الاستفادة منها, وهذا بهدف الوصول إلى الحلول الممكنة وبفرض معاونة الموجه على مساعدة نفسه لاختيار الحل الذي يلائمه والتحمس إلى التنفيذ. ( ميول. م . اولس,1964, 33)
كما يعرفه عطية محمود هنا أنه العملية الفنية المنظمة التي تهدف إلى مساعدة الفرد على اختيار الحل الملائم للمشاكل التي يعاني منها. ( عطية محمود هنا, 1995, 30 )
أما ترومان كيلي ( T.kelly) الذي يعود له الفضل في نشأة التوجيه المدرسي, يرى أن التوجيه ينص على مساعدة الفرد في اختيار نوع الاختصاص أو الدراسة التي توافق ميوله واستعداداته لضمان نجاحه في دراسته وتحصيله العلمي. ( يوسف مصطفى القاضي وآخرون, 1881, 45 )
في حين يعرف مغاريوس التوجيه المدرسي ( الإرشاد النفسي المدرسي ) بأنه مجموعة من الأساليب والخدمات التي تؤدي إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من نمو شخصية التلميذ ككل. (راشد علي السهل, 1999, 22-23 )
ومن خلال تطرقنا لتعريفات التوجيه المدرسي المتعددة توصل اغلب الباحثين إلى نفس وجهة النظر ماهية التوجيه, ودليل ذلك أنهم اشتركوا في النقاط التالية :
- التكيف المدرسي النفسي والاجتماعي .
- العوامل العقلية من استعدادات وميول وقدرات التي تساعد على هذا التكيف .
ومن خلال ما سبق فإننا تبنينا تعريف عبد المجيد سالمي ونور الدين خالد وشريف بدوي كتعريف للتوجيه المدرسي, وهو كالتالي:
عمليات بيداغوجية تهدف إلى إرشاد المتعلمين لاختيار فروع التعليم المناسبة لاتجاهاتهم وميولهم وقدراتهم المختلفة. ( عبد المجيد سالمي, 1998, 81 )

2-أنواع التوجيه :
إن التوجيه يتنوع بتنوع الميادين وتعددها وعليه فقد يكون التوجيه توجيها مدرسيا أو توجيها عسكريا أو توجيها صحيا ونقتصر هنا على ذكر نوعين فقط من التوجيه هما التوجيه المهني والتوجيه التعليمي.
2-1 التوجيه التعليمي :
يقصد بالتوجيه التعليمي " مساعدة الطلبة وإرشادهم إلى نوع الدراسة التي تلائمهم وتتفق مع ميولهم وقدراتهم واستعداداتهم أو نصحهم بامتهان مهنة بدلا من المضي في الدراسة أي مساعدتهم على فهم استعداداتهم وإمكاناتهم المختلفة ومعرفة متطلبات الدراسة والمهن المختلفة ومما يعنى به التوجيه التعليمي أيضا مساعدة الطلاب الموهوبين والمتخلفين دراسيا وإرشادهم ". ( جودت عزت, العزت, 1990, 28)
ويرى أحمد زكي: " أن التوجيه المدرسي عملية يتم عن طريقها توجيه الطالب إلى نوع التعليم الذي يتفق مع قدراته واستعداداته الخاصة, بحيث تعد له الوسائل التي تساعده على ذلك ". ( بدوي, 1978, 182)
وعليه فهو عملية شاملة بصورة ملائمة بين النظام التربوي بأكمله واحتياجات البلد ويستخدم في هذا النوع من التوجيه وسائل منها اختبارات معرفية ونفسية وقيم لدراسات تتبعية للطلاب لتحديد نوع التعليم المناسب لهم كما تستعمل الامتحانات المدرسية التي تعد وسيلة لتوجيه التلاميذ من خلال معرفة قدراتهم. ( الجمهورية, 1987, 37 )
وتتلخص خطوات التوجيه التعليمي فيما يلي:

1- أن تقدم صورة واضحة للتلاميذ عن قدراتهم واستعداداتهم وميولاتهم ومساهماتهم الشخصية.
2- أن تقد للتلاميذ المعلومات التي توضح متطلبات دراسة معينة من حيث القدرات والاستعدادات اللازمة للنجاح فيها.
3- مساعدة التلاميذ على أن يوفقوا بين قدراتهم وميولاتهم وغير ذلك من صفاتهم الشخصية, وبين ما تطلبه الدراسات المتنوعة من هذه الضمانات لكي يختاروا نوعا من الدراسة, لا يرتفع إلى مستوى قدراتهم فلا يستطيعون النجاح فيه أو نوعا من الدراسة أقل من مستوى هذه القدرات فلا يستخدمون فيه قدراتهم وميولاتهم. ( جودت عزت, العزت, 1999, 28-29)
ويعد هذا النوع من التوجيه من الضروريات التي يحتاجها التلاميذ في حياتهم الدراسية لأنها تساعدهم على الاختيارات السليمة في مشوارهم الدراسي وتجعلهم يتغلبون على المشاكل والعراقيل التي تعيقهم على بلوغ أهدافهم, كما أن للتوجيه أهميتين يمكن ذكرهما:
فمن الناحية الاجتماعية يضمن للمجتمع التوزيع السليم للمتعلمين في مختلف مؤسسات التعليم, أما من الناحية الاقتصادية فإنه يوفر للدولة المصاريف التي تصرف على نوع معين من التعليم لا يتلاءم والقدرات والاستعدادات الخاصة بالتلاميذ وبدوره ينقسم التوجيه التعليمي إلى قسمين : توجيه مدرسي وتوجيه جامعي.
2-1-1 التوجيه المدرسي: هو الذي يستعمل في اختيار التخصص المناسب للدراسة في الثانويات والذي يتم في نهاية التعليم المتوسط( الأساسي), وهو يهتم بالمساعدة التي تقدم للتلاميذ وذلك من أجل توجيههم إلى نوع الدراسة التي تتفق مع ميولاتهم وقدراتهم واستعداداتهم. ( الجمهورية, 1987, 37 )
2-1-2 التوجيه الجامعي: وهو الذي يخص الطلبة الجامعيين وهو عبارة عن عملية شاملة تكمل بصورة ملائمة بين النظام التربوي بأكمله واحتياجات البلد, الذي يهدف إلى توجيه الطالب لاختيار فرع مناسب يتناسب وقدراته واستعداداته وميولاته وهو ما يساعد على تحقيق النجاح في المستقبل. (الجمهورية, 1987, 37 )
2-2 التوجيه المهني:
يهدف التوجيه المهني إلى مساعدة الفرد على اختيار مهنة مناسبة وعلى إعداد نفسه لها وعلى الالتحاق بها والتقدم فيها بصورة تكفل له النجاح فيها والرضا عنها والنفع للمجتمع ولا تقتصر مهمة التوجيه على ذلك بل تتجاوز إلى نصح الفرد بالابتعاد عن مهن معينة لا يصلح لها وكما يعرفه أحمد عزت راجح بأنه : " عملية معاونة الفرد على اختيار مهنة تناسبه وإلى إعداد نفسه لها والالتحاق بها, والتقدم فيها على نمو يكفل النجاح والرضا عنها وعن نفسه " . ( راجح, 1965, 82)
وتتطلب عملية التوجيه المهني:
1- دراسة تحليلية شاملة للفرد تكشف عن قدراته الجسمية والحسية والحركية والعقلية وكذلك سماته المزاجية والاجتماعية والخلقية.
-2تحليل المهن والأعمال المختلفة من نواحيها النفسية والصحية والاقتصادية أي من حيث ماتطلبه من استعدادات ومهارات وسمات مختلفة.( جودت عزت حسني, 1999, 27 )
والتوجيه المهني وإن كان يعمل لصالح الفرد إلا أن له حد أدنى من الإنتاج الردئ للعامل فكثرة تبديل وتغيير المهن التي ينجم عنها عدم التلاؤم بين العامل ومهنته يكلف الدولة مصاريف باهظة ونفس الشيء بالنسبة للطالب الذي يضيعه في التغيير, وهذا كله يعود إلى عدم التحكم في التوجيه وما يمكن قوله أن التوجيه المهني يساعد الفرد على أن يجد نفسه في المكان الذي يناسب ويليق عمل به والذي يضمن له النجاح ويساعده على تحقيق حاجاته ومتطلباته وإعداد نفسه لفهم الواقع في المجتمع الذي يمارس فيه نشاطه.

3- أسس ومبادئ التوجيه المدرسي:
يعتمد التوجيه على الأسس التالية:
3-1 الأسس الفلسفية:
حسب عبد الحميد مرسي فإن الأسس الفلسفية للتوجيه تتمثل في كل من الاحترام والديمقراطية والحرية, ويكمن الاحترام في اعتبار التلميذ غاية في حد ذاته أما الديمقراطية فتظهر في كون التوجيه لا يكون على شكل أمر أو إكراه, وتتمثل الحرية في أن التلميذ حر في اختيار نوع الدراسة التي يرغب فيها. ( عبد الحميد مرسي, 1976, 80 )
3-2 الأسس النفسية:
اختلاف القدرات والميول والاستعدادات هي الأسس الكفيلة التي تساعد في عملية التوجيه الصحيح للتلميذ إلى المجالات والشعب المختلفة, ونبدأ بتحليل كل أساس على حدا :
3-2-1- القدرات العقلية:
يعرفها تيفن ( Tiffin) أنها قدرة سير المعلومات أو المهارات التي تتم بالفعل إنماؤها ( السيد خير الله, 1981, 323 )
3-2-2- الميول:
الميل هو اتجاه أو شعور نفسي أو انجذاب نفسي شخصي نحو الشيء الذي يشعر اتجاهه بالراحة والاطمئنان . ( أحمد زكي صالح, 1996, ص 286) فمثلا التلميذ يميل للرياضيات لأنها تتوافق مع قدراته ويرتاح لدراستها.
3-2-3- الاستعداد:
هو قدرة طبيعية نفسية موجودة لدى الفرد وهو أول أساس يأتي بعد الذكاء وهو خاصية أو مجموعة من الخواص في الفرد تبين مدى احتمال نجاحهم بالتدريب المناسب للحصول على مهارة من المهارات أو تحصيل نوع من المعلومات التي تتعلق بالميادين الميكانيكية والكتابية كالمهارة اليدوية والمهارة الفنية . ( سعد جلال, 1992, 196 )

3-3- الأسس الاجتماعية:
3-3-1- الاندماج الاجتماعي للفرد ( للطالب ) :
حيث تقدم له توجيهات جماعية باعتباره عضو في الجماعة المدرسية ومن هنا يفهم الفرد دوره في المجتمع والمؤسسة المتواجد فيه, " إن عملية التفاعل بين الفرد والمجتمع هي المحور الأساسي لعملية التوجيه " ( سعد جلال, 1992, 192 )
3-3-2- المدرسة:
لها دور في عملية التوجيه لأنها تمثل أهم المجالات الاجتماعية التي تساعد الفرد المراهق عن طريق توفير أخصائيين وتضمين لهم منهج يسيرون عليه.
3-3-3- الأسرة:
اشتراك الأسرة مع المؤسسة التربوية في عملية توجيه التلاميذ في إطار يخدم ميولهم ورغباتهم, دون التقيد بالطرق التقليدية للتوجيه التي تؤثر على الحياة الشخصية والمستقبلية للفرد وهذا مالا يوافق عليه.
3-4- الأسس التربوية:
أن الأسس التربوية التي يقوم عليها التوجيه يلخصها مصطفى قاضي فيما يلي:
3-4-1- تعتبر عملية التوجيه التربوي عملية متممة لعملية التعليم والتعلم, حيث أن عملية التوجيه تعطي للعملية دفعا لتجعلها أكثر فاعلية, كما أن عملية التوجيه يمكن أن يستفاد منها في تطوير المناهج وطرق التدريس عن طريق التأكد من تحقيق التكييف الفردي والاجتماعي للطالب.
3-4-2- تستعمل عملية التوجيه المنهج والنشاط المدرسي لتحقيق الأهداف, كما أنها تقوم بدور ملموس في تعديل المنهج ووضع برنامج النشاط بما يتلاءم وينسجم مع تحقيق ما وضعت من أجله هذه العملية .
3-4-3- تعاون أخصائي التوجيه مع المدرسين والقائمين على شؤون المدرسة من الأمور الضرورية لإنجاح عملية التوجيه, وتنشيط العملية التربوية بصفة عامة .
3-4-4- الاهتمام بالتلميذ على أنه فرد من الجماعة له حقوق وعليه واجبات اتجاه الجماعة واتجاه نفسه, وعلى الفرد أن يعرف حقوق نفسه بالإضافة إلى حقوق الجماعة وواجباته اتجاه نفسه واتجاه الجماعة.
3-4-5- عملية التوجيه تشمل كل من يستطيع تقديم التوجيه للفرد, سواء من داخل المؤسسة أو من خارجها, والتعاون بين البيت والمدرسة في توجيه الفرد والاستمرار في تقديم خدمات متكاملة لأطول مدة ممكنة من عمره. ( يوسف مصطفى القاضي والآخرون, 1981 , 52 )
ومن هنا لابد من مشاركة الآباء والمسئولين في المجتمع والتنسيق بين تلك المشاركة, والتعاون بين المدرسة من جهة وبين المؤسسات الثقافية والاجتماعية من جهة أخرى.
3-5- الأسس العلمية والسلوكية للموجه:
إن الحديث عن التوجيه الفرد يدفعنا إلى معرفة من يقوم بهذه العملية كما أن كثيرا من أسس التوجيه على اختلافها مقتبسة من طبيعته ومن المجال الذي يعمل فيه الموجه ومن يساعده, ومن هذه الأسس ما يلي:
3-5-1- اعتبار مشكلة الفرد جزءا منه فلا يجوز النظر إليها من زاوية معينة بل يجب أن يتناولها المرشد والموجه من جميع الزوايا والمساعدة في حلها قدر الإمكان.
3-5-2- المحافظة على سر المهنة واجب من واجبات الموجه والمرشد.
3-5-3- على الموجه أن يعمل باستمرار لمساعدة الفرد على تفهم نفسه والمجتمع الذي يعيش ويعمل فيه.
3-5-4- تفهم الفرد لنفسه يتطلب منه كذلك قبوله لذاته ومعرفة قدراته على حقيقتها.
3-5-5- على الموجه أن يكون ملم بجميع الوسائل والطرق التي تؤدي إلى بحث المشكلة وتشخيصها والمساعدة على حلها, وأيضا يجب أن يعرف متى يستعملها وأن يجري عليها تعديلات وفقا لحاجات الفرد ومتطلبات المشكلة.
3-5-6- مشاركة الفرد في اختيار الطريقة لتوجيهه وإرشاده.

4- وظائف التوجيه المدرسي:
إذا كان التوجيه المدرسي هو إحدى العمليات المسايرة للعملية التربوية التي تهدف إلى مساعدة التلميذ في اختيار نوع الدراسة الموفقة له, ومن وظائفه:
1- توجيه الأفراد عن طريق إمكانياتهم والفرص المتاحة لهم.
2- مساعدة الأفراد على رسم أهدافهم الشخصية.
3- مساعدة الأفراد على إيجاد حل لمشكلاتهم الشخصية والاجتماعية.
ومن هنا نجد أن هناك وساطة بين التوجيه و التلميذ حيث ترى ستر ونج في كتابها ( Education Guidance), وحسب عطية هنا ثلاث وظائف ( عطية محمود هنا, 1995, 39 ) :
4-1- اختيار نوع الدراسة وما يتصل بذلك من تقديم البيانات والمعلومات اللازمة والعوامل المؤدية إلى النجاح.
-2-4الاستمرار في الدراسة أو الدخول إلى العمل وما يتصل بذلك من عوامل اجتماعية أو عقلية أو الدخول في كلية من الكليات.
4-2- النجاح في الدراسة والعوامل المتصلة بهذا النجاح والتغلب على الصعوبات.

5- العوامل المؤثرة في التوجيه المدرسي :
توجد عدة عوامل تؤثر في التوجيه يمكن ذكر أهمها فيما يلي:
5-1-الأسرة :
تعتبر الأسرة المسؤول الأول عن إعداد الطفل وتوجيه خلال التنشئة الاجتماعية من حيث تكييفه مع مجتمع المدرسي والمجتمع ككل.
فهي تحدد له الحدود الخير والشر وحدود الحرية فالأسرة مظهر الاستقرار والطمأنينة فالاستقرار شخصية الفرد تعتمد كليا على ما يسود داخل الأسرة من علاقات مختلفة وكذلك هي البيئة الاجتماعية الأولى التي يتعرف الطفل فيها على نفسه ويكون ذاته من خلال تعامله مع أعضائها. ( أحمد شبشوب, 1991, 343 )
كما تتجلى أهمية الأسرة في كونها الأصل الأول لمظاهر التعاون والتناسق باعتبار أن الضبط الاجتماعي والنشاط الاقتصادي, والدين والتربية وغير ذلك من الأنماط الخاصة بالسلوك الاجتماعي ظهرا أولا في إطار الأسرة. ( محمود حسن, 1981, 5 /6 )
إن الأسرة تؤثر من الناحية الاجتماعية في عادات الأكل والشرب والنوم واللباس وطريقة المعاملة مع الناس, وغير ذلك من أساليب السلوك الاجتماعي, كما أن الطفل يتعلم اللغة من والديه ثم المدرسة ويتأثر الطفل بأسرته وبأفكار الكبار حتى ينمي معارفه وفقا للمستوى الثقافي للأسرة . ( تركي رابح, 1990, 173)
فالوظيفة التربوية للأسرة تتمثل في نقل الثقافة إلى الطفل وكذلك الأنماط العامة السائدة في ثقافته من قيم اجتماعية ومراسم دينية وعقائدية كما تقوم الأسرة بعملية التطبيع الاجتماعي عن طريق تنمية العواطف الاجتماعية كما تساعد على وضع الأفراد في أماكنهم ومراكزهم المختلفة وكذلك توجيههم قصد التأقلم مع المحيط الجديد.
للأسرة دور مهم في العملية التوجيهية لكنه لا يكتمل إلا بمساهمة الأطراف الأخرى, والطرف المكمل للأسرة هي المدرسة والتي سنحاول الوقوف عندها لتوضيح الأدوار التي تقوم بها في العملية التوجيهية.
5-2- المدرسة:
وهي " المؤسسة الاجتماعية التي تقوم بوظائف التربية الرسمية ونقل الثقافة وتوفير الظروف المناسبة للنمو الجسمي والانفعالي الاجتماعي " ( حامد ع السلام زهران, 1977, 226 ) فالمؤسسة إذا هي المؤسسة التي تنمو فيها العلاقات بين التلاميذ والمدرسين, فالطفل هنا يندمج في محيط جديد, وبهذا يستطيع أن ينمي أنشطته الفكرية والعقلية بنفسه يختار زملائه ونشاطه, إذن في المدرسة يكتسب خبرات جديدة, كما تشجع المدرسة حاجة الطفل إلى الانتماء والتعبير عن الذات والشعور بالنجاح, كما تعمل على تطوير سلوك الطفل وهذا بتعديل السلوك المنحرف وتعزيز السلوك السوي, فهي مكملة للأسرة على المستوى اللغوي والثقافي . ( عائشة أحمد نحوي, 1990, 30 )
بإمكان المدرسة أن تمحوا بعض العادات غير السليمة وتعلمه طرق التفاعل الاجتماعي مع الغير, وكذلك يمكن للأنشطة الفكرية والتربوية في المدرسة أن تزيل ما يتعلق بنفس
الطفل من صراعات نتيجة الصراعات المنزلية, كما تساهم في نقل التراث وحفظه للأجيال, وتخلق نوعا من التوازن الاجتماعي بين الأفراد, كما تعمل على أعداد التلميذ للحياة العملية التي يعيش فيها من خلال توجيهه التوجيه الصحيح وهذا بمده بالمعلومات والمهارات التي يحتاج إليها, وكذا التركيز على غرس العقيدة السليمة في نفسية التلميذ بمراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ كما يجب على المدرسة تخصيص بطاقة لكل تلميذ تسير معه من الابتدائي إلى حيث ما انتقل ومستوى تحصيله الدراسي واتجاهه المعرفي لتسهيل عملية توجيهه. ( نبيل السلموطي, 1980, 109/110 )
إذن المدرسة تعد الفرد ليكون مواطنا صالحا, وعمله متقنا وهي تؤمن بالتوجيه المهني والمدرسي وتعد الفرد لحياته أو مهنته المقبلة فالمدرسة ليست مكان تعليم فقط ولا يكفي أن تكون مكان تعلم, بل هي مكان إعداد وتوجيه وإرشاد وتربية.
5-3- المعلم:
يتفق العلماء والمربون على أن المعلم هو العنصر الأساسي في العملية التعليمية وبدونه لا يمكن لأي نظام تربوي أن يؤدي دوره على الوجه الأكمل, وبإخلاص المعلم وفاعليته ومدى استعداده إلى المزيد من النمو في مهنته وبقدرته على الخلق والإبداع وبرغبته في التطور والتجديد يستطيع أن يحقق للنظام التربوي ما يخطط له من أهداف وغايات ويعتبر المكتشف الأول للمشكلة مع بداية ظهورها عند التلميذ ( مجيد إبراهيم دمعة, الجبار توفيق ليباتي, 1975, 19 )
ويمكننا القول بأن المعلم يمكنه أن يقوم بعدة أدوار في العملية التوجيهية منها ( محمد سلامة آدم, 1974- 1975 , 141 ):
5-3-1- يمكن للمعلم من خلال خبرته في التعليم أن يميز الفروق الفردية بين التلاميذ وهذا باستعمال الطرق ووسائل تربوية.
5-3-2- الاتصال بأولياء التلاميذ لمعرفة المعوقات التي تعوق التلميذ عن التقدم في دراسته وهذا بإيجاد حلول لهذه المشاكل وأخذها بعين الاعتبار في التوجيه.
5-3-3- تقديم المعلومات الخاصة بالجانب المهني, مثل التعريف بمجمل التخصصات الموجودة في الجامعة لتلاميذ الثانوية والمهن التي تؤدي إليها .
5-3-4- متابعة التلاميذ داخل القسم في جميع مراحل النمو وهذا بالاتصال المستمر بهم.
5-3-5 - على المعلم أن يكون في اتصال مستمر بالموجه المدرسي( مستشار التوجيه المدرسي) لتقديم معلومات عن التلاميذ الذين لا يستطيعون التحصيل على النتائج ايجابية وهذا ليكشف أسباب التخلف الدراسي ومحاولة معالجته وبهذا يكون المعلم أول من يكتشف الصعوبات التي يعاني منها التلميذ.
وبهذا يجب على التلاميذ التقبل التوجيهات أساتذتهم حول هذه النشاطات المختلفة, بما أن المعلم هو المعلم بالدرجة الأولى كما يؤكد ذلك " صالح عبد العزيز في كتابه " التربية والطرق التدريس حيث يقول " يجب على المعلمين أن يكونوا مرشدين ومربين في نفس الوقت فلا يفرضون أي عمل على التلاميذ بل يثيرون فيهم الرغبة في القيام به ويرشدونهم إلى الوسائل التي يمكنهم استعمالها في حل مشكلاتهم . ( صالح عبد العزيز, 259 )
إن هذا هو الدور الحقيقي للمعلم, والذي يجب أن يقوم به في التربية الحديثة التي تعتبره كموجه فقط بينما التلميذ هو الذي يقوم بمختلف النشاطات, إذن فالعملية التوجيهية تبدأ بالمعلم ثم الموجه, فالمعلم عامل أساسي في التوجيه التلاميذ باعتباره القريب الأول من التلميذ ولا يعني هذا أن دور الموجه يتوقف على دور المعلم بل يتعداه وهذا ما نحاول دراسته في العنصر اللاحق.
5-4- الموجه:
إن الموجه يتميز عن باقي الأطراف في العملية التوجيهية فهو يتميز بكونه حياديا في التعامل مع جميع الأطراف العملية التعليمية من مدرسين وإداريين وتلاميذ ويعمل على مدهم بمعلومات تساهم في تنظيم برنامج توجيه يستوفى كل الشروط التي يجب أن تتوفر عند توجيه التلميذ, كما أنه يعرض المشاكل المعقدة التي تصادفه على باقي أعضاء الهيئة التعليمية ويطلب مساعدتهم واقتراحاتهم.
الموجه قبل أن يكون موجها لا بد أن يشتغل بمهنة التعليم, حتى يكون على دراية بالوقف التعليمي داخل القسم, كما يستعين ببعض الوسائل العلمية التي تساعده في التعرف على
التلاميذ وتوجيههم وفقا لقدراتهم ورغباتهم, ومن بين هذه الوسائل نذكر المقابلة وهناك وسيلة أخرى يمكن أن يستعملها لجمع المعلومات كتطبيق الاختبارات السيكولوجية والتربوية والرجوع إلى البطاقات والسجلات الخاصة بالتلاميذ. ( ميرك أولسن, 1964, 299 )
ويرى تروكس" TRAUX " (1956) أن الخدمات التي يقوم بها الموجه في المدرسة تنحصر في سبع مجالات هامة وهي: ( سعد جلال, 1992, 98 )
5-4-1- تهيئة الخدمات التي تساعد التلاميذ كأفراد.
5-4-2- تهيئة الخدمات للتلميذ في الجماعات.
5-4-3- تهيئة الخدمات لهيئة التدريس في المدرسة وتوطيد العلاقات معها.
5-4-4- توطيد العلاقة بين مدرسته والبيئة الخارجية التي تعمل فيها المدرسة.
5-4-5- الإسهام في البرنامج العام لمدرسته.
5-4-6- تحمل المسؤولية الشخصية.
5-4-7- تحمل المسؤولية المهنية.
ويمكننا القول بأن مستشار التوجيه المدرسي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعملية التعليمية وعناصرها الأساسية معلما ومتعلما إذن هو ملزم بكل ما ينطبق عليها من مميزات عملية, وملزم بالتقرب أكثر من التلميذ وهذا يساعده في التعرف عليه أكثر من جوانبه الاجتماعية والثقافية وحتى النفسية لإيجاد سبل الضعف أو التهاون وهو بدوره يمكن له أن يؤثر عليهم بوضع أساليب العلاج للقضاء على هذا الضعف وتوجيههم التوجيه الصحيح.
فالموجه إذن عامل أساسي ومؤثر في العملية التوجيهية لكن يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار العامل الآخر الذي يؤثر أيضا في عملية توجيه التلاميذ, والذي يتفاعل كثيرا معه التلميذ ألا وهو المجتمع.
6- الأساليب الفنية للتوجيه المدرسي :
إن الوصول إلى أهدافنا المسطرة ليس بالأمر السهل بل لابد من الواجب وضع منهجية تساعدنا على ذلك وأن نتبع أساليب خاصة لبلوغ غايتنا, كما أن عملية التوجيه المدرسي تتطلب من المرشد استعمال هذه الأساليب وفقا لمتطلبات الحالة وتتمثل هذه الأساليب فيما يلي : (يوسف مصطفى القاضي وآخرون, 1881, 260 )
6-1- الملاحظة:
إن الملاحظة أداة رئيسية في دراسة السلوك الإنساني خاصة في المواقف التي يتعذر فيها استخدام تلك الأدوات تلقائية السلوك التي تعبر عن حقيقة شخصية الفرد, لأن الملاحظة في أبسط صورها مشاهدة الباحث على الطبيعة لجوانب سلوكية معينة أو مواقف معينة من مواقف الحياة اليومية في المدرسة أو الملعب أو مع الجماعة وتسجيل ما يلاحظ بدقة, ثم يتتبع ذلك التحليل هذه الملاحظات والربط بينها وبين البيانات المستخلصة من أدوات أخرى, وأخيرا محاولة تفسير ما نلاحظ .
ولقد استخدمت الملاحظة في كافة ميادين الحياة كطريقة لجمع المعلومات واستخلاص النتائج, وخاصة ميدان علم النفس الذي استخدمها في دراسة الكثير من الظواهر.
6-2- المقابلة:
تستخدم المقابلة الشخصية على نطاق واسع في حياتنا اليومية وفي ميادين متعددة وأهداف شتى وبطرق عملية وغير علمية, فأصحاب المؤسسات يشترطون في مجال الاختيار المتقدم للوظيفة, المقابلة الشخصية بنجاح, والمشرف الاجتماعي للمدرسة يستخدم المقابلة بمعرفة ما يؤرق أحد طلابه ويمنعه من المذاكرة, ونحن في لقائنا اليومي نقابل عددا من الأشخاص فنتحدث إليهم ويتحدثون إلينا فنخرج نتيجة لذلك بفكرة عن اهتمامات واتجاهات وميول هؤلاء الأشخاص.
أما في علم النفس فقد دخلت المقابلة كل مجالات علم النفس النظرية والتطبيقية بهدف الحصول على المعرفة والأهداف التشخيصية والعلاجية أيضا, ويتضح لنا أن المقابلة بغض النظر عن أهدافنا هي علاقة اجتماعية يتم فيها محادثة وفق أسلوب علمي دقيق
بهدف الحصول على بيانات ومعلومات هادفة تتحد بأهداف المقابلة في ظل جو تسوده
الثقة المتبادلة, والمقابلة بهذا المعنى فن وعلم يتطلب مهارات خاصة لممارستها, وتلك المهارات المبنية على العلم والخبرة والاستعداد لها شروطا وقواعد وأساليب مبنية على قواعد علمية مستمدة من العلوم الإنسانية عموما ودائما يعود الفضل في نجاح المقابلة إلى شخصية المرشد وخصائصه النفسية إلى جانب مهارات وخبرات لإدراك فنيات المقابلة .
وتستخدم في ميدان التوجيه المدرسي خاصة ما يقوم به الموجه خلال الحصص الإعلامية, ولكن المشكل الذي يبقى مطروح هو أن جل المقابلات تكون جماعية تجري في المدرجات أمام عدد كبير من التلاميذ في حين تبقى المقابلات الفردية غائبة لأسباب ترجع إلى تعدد مهام مستشار التوجيه والنقص في العتاد.
6-3- السجل الشخصي المجمع:
ويطلق عليه عادة البطاقة المدرسية فهو من أهم الأدوات في مجال التوجيه التربوي والمهني لأنه يحتوي على جميع البيانات التي جمعت عن الفرد طيلة حياته المدرسية, فهو سجل تراكمي تتبعي لجميع مكونات شخصية الفرد الجسمية والعقلية والمعرفية والنفسية والاجتماعية, يعتمد عليه بدرجة كبيرة عند مناقشة بعض المشكلات العامة أو الحالات الفردية الخاصة.
كما قد ظهرت الحاجة إلى السجل المجمع, بعد تطور وظيفة المدرسة حيث أصبحت تهتم بتنمية شخصية الطالب بغية تمكينه من النمو المتكامل السليم وتحقيق استمراره في التعليم إلى أقصى حد تسمح به قدراته وتوجيهه إلى الدراسة والعمل المناسب له, ونظر إلى هذه الاتجاهات الفكرية أصبحت الحاجة ملحة إلى توفير بطاقة مبوبة متكاملة تكون بمثابة مرآة تعكس صورة حقيقة لمكونات شخصية الطالب وفي نفس الوقت أداة هامة لتقديم الخدمات التوجيهية الإرشادية اللازمة. ( يوسف مصطفى القاضي والآخرون , 1881, 290 )
ومن خلاله نتمكن من معرفة شخصية التلميذ وقدراته وميولاته وكل ما يتعلق به فهذا شيء نحفز وعامل هام في انتقاء المعلومات الخاصة بالتلاميذ, ومن هنا تبرز لنا أهمية السجل المجمع في تقديم المعلومات التي تخص توجيه التلاميذ.

6-4- الاختبارات النفسية:
يرى المشتغلون بالقياس أن الاختبارات من أدق الوسائل الفنية الموضوعية لفهم الفرد ودراسة سلوكه, خاصة إذا ما تحقق للاختبار شروط الاختبار الجيد كالموضوعية والصدق والثبات والشمول.
ولقد استخدمت الاختبارات حديثا بشكل واسع في عمليات التوجيه المهني والتربوي والإرشاد النفسي ولأغراض شتى بعضها تشخيصي والآخر علاجي, ومهما يكن فالاختبار وسيلة تشخيصية تنبؤية علاجية أحيانا يستخدم جنبا مع الوسائل الأخرى وليس بدلا منها, ومن بين الاختبارات النفسية:
6-4-1- اختبارات الذكاء : وتهدف إلى معرفة نسبة الذكاء الخاصة بالفرد.
6-4-2- اختبارات التحصيل : وتهدف إلى قياس القدرات العامة والنشاط العقلي.
6-4-3- اختبارات الاستعدادات : وتهدف إلى التنبؤ بما يستطيع الفرد أن يقوم به في المستقبل.
لكن تبقى هذه الاختبارات غائبة عن التلميذ ويبقى توجيهه يخضع لتلك العملية الشبه آلية التي من خلالها توزيع التلاميذ حسب الجذوع المشتركة دون معرفة الخصائص المميزة لهم ( القدرة, الاستعداد, الذكاء, ...), إذا بدونها ينعدم التوجيه الحقيقي الذي يراعي مصلحة التلميذ من جهة والمجتمع من جهة أخرى, وهذا ما يؤثر سلبا على توافقه اتجاه مستقبله.
6-5- دراسة حالة: ( يوسف مصطفى القاضي والآخرون , 1881, 291 )
نقصد بها التعارف على تاريخ العالم من خلال جمع المعلومات والبيانات التي لها دلالة على الطالب, والتي تتعلق بالمشكلة سواء كانت نفسية أو تحصيلية دراسية, ويعتمد الموجه في جمعه هذه البيانات على أهل التلميذ وأقربائه للتأكد من صحتها.
وتخضع دراسة الحالة لمجموعة من الشعور يجب الالتزام بها :

6-5-1- أن تكون المعطيات الخاصة بالطالب شاملة وجامعة لكل الجوانب المتعلقة به.
6-5-2- أن تكون مستمرة خلال حياة الطالب الدراسية.
6-5-3- أن تكون في أيدي آمنة عليها.
6-5-4- أن تتصف بالصحة والموضوعية.

خلاصة الفصل:
إن هذا الفصل يوضح الماهية الحقيقية للعملية التوجيهية, فكل شي لا تتضح أهميته إلا من خلال وظيفته, فالتوجيه المدرسي لا يعني توزيع التلاميذ على مختلف الشعب والتخصصات الموجودة وإنما هو عملية تقديم العون والمساعدة حتى يتوفق التلاميذ في اختيار ما يتناسب مع قدراتهم من تخصص.
كما أن هذه العملية تسعى إلى بلوغ مستوى عال من النمو التربوي للتلاميذ بواسطة مساعدته على اختيار التخصص الدراسي الذي يميلون إليه, وهذا باستخدام مختلف الوسائل التربوية والإعلامية والاستكشافية, ومنه فالتوجيه يمثل أحد العوامل الأساسية لتحسين مستوى التعليم وبناء نظام تربوي متين يعطي تكوينا جيدا للمتعلمين حتى يمكنهم من التوافق الجيد مع متطلبات العصر والالتحاق بالركب الحضاري, إلا أن هذا يعتبر مجرد مثاليات ما لم تتحد الجهود في هذا الاتجاه ابتداء من التلاميذ إلى الآباء والأساتذة الموجهين والوزارة والمجتمع بشكل عام.

قائمـة المراجـع
الكتب:
1- أحمد زكي بدوي: معجم المصطلحات والعلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان,1978.
2- أحمد زكي صالح:علم النفس التربوي، ط2, مكتبة النهضة المعرفية, 1986.
3- أحمد شبشوب:علوم التربية،الدار التونسية,1991.
4- تركي رابج: أصول التربية والتعليم, المؤسسة الوطنية للكتاب, طبعة2 ,1990.
5-جودت عزت عبد الهادي, سعيد حسني العزت: التوجيه المهني ونظريات ,دط ,مكتبة الثقافة والتوزيع, عمان,الأردن,1999.
6- سعد جلال: التوجيه المهني والتربوي والنفسي، دار الفكر،ط2, 1992.
7- سيد خير الله: بحوث نفسية تربوية، دط, دار النهضة العربية, بيروت, 1990.
8- صالح عبد العزيز: التربية وطرق التدريس, دار المعارف, ط3, 1965.
9- عائشة أحمد نحوي: الإثارة الإكلينيكية على الصراع بين الاتجاهين التقليدية والحديثة لدى المراهق الجزائري,رسالة ماجستير, الإسكندرية,1990.
10- عبد الحميد مرسي: الإرشاد النفسي، المطبعة العربية الحديثة، القاهرة,1976.
11- عبد المجيد سالمي و آخرون: معجم علم النفس، دار الكتاب المصري اللبناني، ط1، القاهرة 1998.
12- عطية محمود هنا:التوجيه والمهني، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة, 1995.
13- فهيم إبراهيم الحبيب: التوجيه والإشراف التربوي في دول الخليج العربي, دط, مكتبة التربية العربية لدول الخليج, 1996.
14- مجيد إبراهيم دمعة: دراسة استطلاعية عن دور المعلم، مركز البحوث التربوية والنفسية، جامعة بغداد، 1974.
15- محمود حسن: الأسرة ومشكلاتها، دار النهضة العربية, 1951.
16- ميرك أولسن: فلسفته، أسسه، وسائله، ترجمة محمد لبيب فرج، دار النهضة,1965.
17- نبيل السملوطي: التنظيم المدرسي والتحديث التربوي, دار الشروق, 1980.
18- يوسف مصطفى القاضي وآخرون: الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي, دط, دار النشر المريخ, الرياض, 1981.
الرسائل الجامعية:
19- عائشة أحمد نحوي: الإثارة الإكلينيكية على الصراع بين الاتجاهين التقليدية والحديثة لدى المراهق الجزائري,رسالة ماجستير, الإسكندرية,1990.
المعاجم:
20- بدوي أحمد زكي:معجم المصطلحات الاجتماعية،ط1, عالم الكتاب، مكتبة لبنان, 1978.
المجـلات:
21- راشد علي السهل: تقويم أهداف الإرشاد النفسي في المرحلة الثانوية، مجلة تربوية, جامعة الكويت، كلية التربية, العدد51، مجلد 13, 2001.
22- محمد سلامة آدم: مجلة همزة وصل، العدد8، القاهرة, 1974.
الندوات والملتقيات:
23- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية, وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, الندوة الوطنية الأولى حول التعليم العالي, الجزائر, 1998.

بارك الله فيك

شكرا